في نهاية القرن التاسع عشر.. بالتحديد بعد عدة سنوات من افتتاح قناة السويس.. رست علي شاطيء القناة سفينة كبيرة قادمة من الهند.. وكان علي متن هذه السفينة مليونير بلجيكي
منحه له ملك فرنسا تقديرا لمجهوداته في انشاء مترو باريس حيث كان 'إمبان' مهندسا متميزا. وكما كان 'ادوارد امبان' مهندسا نابها.. كان أيضا صاحب عقلية اقتصادية فذة.. حيث اقام عدة مشروعات جلبت له الكثير من الأموال.. وكان علي رأس تلك المشروعات انشائه لبنك بروكسل في بلجيكا
وسقط المليونير البلجيكي في غرام الشرق.
عاش 'ادوارد إمبان' سنوات طويلة في الهند وعشق الاساطير القديمة حتي كان قراره بالبحث عن مكان تاريخي أقدم ولم يجد أمامه سوي مهد الحضارات القديمة.. أم الدنيا مصر.
بناء القصر
بمجرد اختيار المليونير البلجيكي للمكان الذي سيعيش فيه* وهو الظهير الصحراوي شرق القاهرة* عكف البارون 'إمبان' علي دراسة الطراز المعماري الذي سيشيد به بيته في معشوقته القاهرة.. ولان البارون كان مهتما أيضا بفن العمارة فقد اتخذ قرارا ان يقيم قصرا لا مثيل له في الدنيا كلها.
ولكن بقي اختيار الطراز المعماري مشكلة تؤرق العاشق البلجيكي حتي عثر علي ضالته المنشودة داخل أحد المعارض الفنية في العاصمة الفرنسية 'باريس'.. في هذا المعرض وقعت عيناه علي تصميم لقصر غاية في الروعة ابدعه فنان فرنسي اسمه
'الكسندر مارسيل'..
كان التصميم شديد الجاذبية وكان خليطا رائعا بين فن العمارة الأوروبي وفن العمارة الهندي. لم يتردد البارون 'ادوارد امبان' للحظة.. اشتري التصميم من 'مارسيل' وعاد به إلي القاهرة.. وسلم التصميم لعدد من المهندسين الإيطاليين والبلجيك ليشرعوا في بناء القصر علي الربوة العالية التي حددها لهم البارون في صحراء القاهرة. بعد خمس سنوات.. خرجت التحفة المعمارية من باطن الصحراء. تحفة فنية تضاهي 'تاج محل' بالهند* كما أكدت هيئة اليونسكو
ولد قصر البارون 'امبان' في عام 1905 كأول مبني سكني في ضاحيه مصر الجديده في عهد السلطان حسين كامل
الذي حضر مراسم أفتتاحه وأعجب به أعجاب شديدا حيث رأي القاهره كلها من خلاله وصولا الي الأهرامات في ذلك الوقت حيث يتمتع القصر بخاصيه فريده
فقد تم انشاء قصر البارون بحيث لاتغيب عنه الشمس وذلك من خلال قاعدة خرسانية ترتكز علي 'رولمان بلي' وقد نفذها المصريون.. وهذه القاعدة تدور فوق عجلات متحركة بحيث يلف القصر بمن فيه دوره كامله كل ساعه ليري الواقف في شرفة القصر كل ما يدور حوله وهو في مكانه.. وهذه الخاصية التي يتمتع بها قصر البارون لم تتحق سوي لقصرين فقط في الدنيا.. هذا القصر وقصر السكاكيني بالقاهره
ويوجد داخل القصر ساعة أثرية قديمة لا مثيل لها إلا في قصر باكنجهام الملكي بلندن توضح الوقت بالدقائق والساعات والأيام والشهور والسنين مع توضيح تغييرات أوجه القمر ودرجات الحرارة
هذه التحفة المعمارية الخلابة توسطت مساحة تقدر بحوالي 6 افدنة وكانت حديقته التي بني القصر وسطها تماما تضم اندر وابدع انواع الزهور وازدانت بالتماثيل المصنوعة من المرمر والرخام والتي تمثل رموز الاساطير الهندية والاغريقية.
ضاحية مصرالجديدة
في نفس هذا العام ..1905 باعت الحكومة المصرية مساحة 5952 فدانا صحراويا إلي باغوث نوبار باشا وإلي 'ادوارد امبان' وذلك لانشاء مشروعات اسكان في المنطقه الصحراويه في ذلك الوقت المحيطه بالقصر
وتشغيل خط مترو لربطها بالقاهرة نظرا للتوسع العمراني.. واسرع البارون 'امبان' بخبرته السابقة في مجال العمارة وانشاء المترو في تنفيذ مشروعاته المتعددة بالضاحية الجديدة. واختار لها اسم هليوبوليس أي مدينة الشمس [ حي مصر الجديده ]
وكان البارون 'امبان' كلما انتهي من مشروع راح يحث الحكومة المصرية علي اعطائه مساحات أخري من الأراضي الصحراوية شمال شرق العاصمة..
وكان المليونير البلجيكي يشتري الفدان بسعر جنيه واحد (!).
وبالجهد والعرق.. تحولت الصحراء إلي مدينة متكاملة تحتوي علي فيلات وشقق سكنية ومضمار لسباق الخيل وسوق وحدائق ومحلات تجارية وفندق فخم (هليوبلس بالاس)..القديم وهو أحد القصور الوطنيه الأن وانطلقت الطبقة الارستقراطية إلي المدينة الجديدة وتبعهم اعضاء الجاليات الاجنبية ومساعدهم علي ذلك انشاء شركة حديد مصر الكهربائية (المترو) واقامة خطوط ترام سريعة ربطت الضاحية الوليدة بقلب العاصمة حيث تم تشغيل 27 قاطرة عام ..1910 واقيم لموظفي هذه الشركة 400 مسكن وعدد من المحلات التجارية وفي عام 1925 أصبح عدد سكان ضاحية مصر الجديدة حوالي 25 ألف نسمة.
النهاية
بالتأكيد كانت أسعد لحظات حياة البارون 'امبان' هي
لحظة انتهائه من انشاء المدينة الجديدة هليوبوليس أو مدينة الشمس [ حي مصر الجديده ]
التي تميزت بطابع معماري راق.. ولكن! كما يقولون: السعادة عمرها قصير.
فقد شعر البارون 'امبان' وسط افراحه بانتهاء مشروعه العملاق بآلام رهيبة تنهش جسده.. وطار الرجل إلي باريس ليكتشف اصابته بالسرطان. وعبثا حاول الاطباء الفرنسيون تخفيف آلام المليونير البلجيكي والذي سلم بمصيره وقدره.. وقرر العودة بأقصي سرعة ليرتاح الراحة الأبدية في معشوقته مصر.. وبالفعل عاد البارون 'امبان' إلي محبوبته واغمض عينيه للمرة الأخيرة. مات البارون 'امبان'.وبناء علي وصيته تم دفنه في مصر وتحديدا في
ساحة كنيسة 'البازليك'
وهي تحفه معماريه والقريبة من قصره الرائع والمتصلة بهذا القصر بسرداب يبلغ طوله أكثر من 5،2 كيلو متر تحت الأرض بغرفه سريه سميت بالغرفه المسحوره لم يفصح عنها أدوار الي أي أحد حتى على"مريام" ابنته وأخته البارونة "هيلانة" المقيمين معه في القصر في هذا الوقت
مزاد علني!
في نهاية شهر ابريل من عام ..1954 أعلنت المجموعة البلجيكية التي تتولي ادارة شئون 'امبان الابن' عرض قصر البارون للبيع من خلال مزاد علني.. وشمل هذا المزاد ايضا بيع محتويات القصر من تحف واثاث وانتيكات.
وعقدت جلسة المزاد في القصر الجميل.. واشتري من اشتري التحف والاثاث والمفروشات التي احتواها القصر الفاخر.. وجاء الدور علي القصر نفسه.. تلك التحفة المعمارية نادرة التكرار ليرسو المزاد علي 3 من الاثرياء *****.. رجل الأعمال السوري محمد بهجت الكسم والسفير السعودي محمد علي رضا وشقيقه علي علي رضا. ودفع الثلاثة في القصر البديع مبلغ مائة وستين ألف جنيه '!'ولم يستخدم القصر وترك مهجورا
بستثناء بعض العروض من السينما العالميه بالتصوير داخله لأفلام الرعب وفيلم مصري واحد [ الهارب ] وفيديو كليب
في عام 1993 أبلغ المحيطين بالقصر بأنه يضئ ليلا ويسمعون ضجيج الأصوات بداخله ظنا منهم أنه أصبح مسكونا من الجان نتيجه هجره سنوات طويله !! وعند تدخل السلطات وجد مجموعه من الشباب حديثي السن قد تسللوا أليه من خلال أحد النوافذ ليقيموا طقوس عقائديه بما هو مخالف للشرائع السماويه وأنهم علي أتصال روحاني بهيلانه أخت البارون فتم ألقاء القبض عليهم .
وفي عام 1995و باتفاق وزارة الاسكان والتعمير مع ورثة ملاك القصر علي شراء قصر البارون 'امبان' بما قيمته 50 مليون دولار..ليصبح هذا القصر الجميل ملكا لمصر في ذلك العام وحيث تولت وزارة الاسكان عمليات ترميمه بمشاركة وزارة الثقافة. لأنقاذ هذا الاثر التاريخي من الضياع في أحتفاليه مرور مائة عام علي انشاء حي مصر الجديدة عام 1995
اهلا وسهلا بك عزيزى الزائر ,, يبدوا ان هذة اول زياره لك لمنتدانا شباب ليونزShababLionZ.Com:: نتمنى ان نراك عضو صاحب مكان وليس زائر - وندعوك لأنشاء حساب مجانى لك فى اقل من 10 ثوانى تكون فرد من اسرتنا [ للتسجيل تفضل بالضغط ] هنــا